قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه:
"هذه السورة هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب،وهي السبع المثاني والقرآن العظيم، وهي الشافية ،وهي الواجبة في الصلوات، لا صلاة إلا بها، وهي الكافية، تكفي من غيرها، ولا يكفي غيرها عنها، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:{ لم ينزل في التوراة ولا الإنجيل ولا الزبورولا القرآن مثلها،وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته.} وفضائلها كثيرة جدا.
وقد جاء مأثورا عن الحسن البصري، رواه ابن ماجه وغيره، أن الله أنزل مائة كتاب وأربعة كتب، جمع علمها في الأربعة، وجمع علم الأربعة في القرآن، وجمع علم القرآن في المفصل، وجمع علم المفصل في أم القرآن، وجمع علم أم القرآن في هاتين الكلمتين الجامعتين { إياك نعبد وإياك نستعين} وإن علم الكتب المنزلة من السماء، اجتمع في هاتين الكلمتين الجامعتين .
ولهذاثبت في الحديث الصحيح حديث :{إن الله تعالى يقول : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : نصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل . فإذا قال:{الحمد لله رب العالمين } قال الله : حمدني عبدي، وإذا قال : { الرحمن الرحيم }،قال الله أثنى علي عبدي، و إذا قال : {مالك يوم الدين } قال الله عز وجل : مجدني عبدي وفي رواية : فوض إلي عبدي، وإذا قال : { إياك نعبد وإياك نستعين } قال : فهذه الآية بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل فإذا قال : { اهدنا الصراط المستقيم }{ صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}، قال : {فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل}".*
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:
" فاتِحَة الْكِتاب وأُمُّ القرآن، والسبعُ المثانى، والشفاءُ التام، والدواءُ النافع، والرُّقيةُ التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظةُ القوة، ودافعةُ الهم والغم والخوف والحزن، لمن عرف مقدارَها ،وأعطاها حقها، وأحسنَ تنزيلها على دائه، وعَرَفَ وجهَ الاستشفاء والتداوى بها، والسرَّ الذى لأجله كانت كذلك.
ولا تجدُ باباً من أبواب المعارف الإلهية، وأعمالِ القلوب وأدويتها مِن عللها وأسقامها، إلا وفى فاتحة الكتاب مفتاحُه، وموضعُ الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى ربِّ العالمين إلا وبدايتُه ونهايتُه فيها.
ولعَمْرُ الله ،إنَّ شأنها لأعظمُ من ذلك، وهى فوقَ ذلك. وما تحقَّق عبدٌ بها، واعتصم بها، وعقل عمن تكلَّم بها، وأنزلها شفاءً تاماً، وعِصمةً بالغةً، ونوراً مبيناً، وفهمها، وفهم لوازمَها كما ينبغى ووقع فى بدعةٍ ولا شِركٍ، ولا أصابه مرضٌ من أمراض القلوب إلا لِماماً، غيرَ مستقر.
هذا.. وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض، كما أنها المفتاحُ لكنوز الجَنَّة، ولكن ليس كل واحد يُحسن الفتح بهذا المفتاح، ولو أنَّ طُلابَ الكنوز وقفوا على سر هذه السورة، وتحقَّقُوا بمعانيها، وركَّبوا لهذا المفتاح أسناناً، وأحسنُوا الفتح به، لوصلوا إلى تناول الكُنوزِ من غير معاوِق، ولا ممانع.
ولم نقل هذا مجازفةً ولا استعارةً؛، بل حقيقةً، ولكنْ لله تعالى حكمةٌ بالغة فى إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالَمين".*
يارب نستفيد من كل الكلام دا
وربنا يوفقنا